كمن يحاول الاقلاع عن التدخين اعيش منذ حوالى شهر فى
محاولات مستمرة للاقلاع عن الكتابة و تعطيل ملكة التفكير و الاحساس و التدبر فى شؤون المجتمع المصر و الاهم الاقلاع عن البكاء على هذا الوطن المهدور و على ما آل اليه حاله من فساد و ضياع و اهمال و ذلك لاتمكن من استجماع ما تبقى لى من طاقة لمواجهة الظروف الحالية التى امر بها لكن للاسف تفشل اخر المحاولات و تلقى بى فى مواقف لا يمكننى معها الا اعود الى عادتى السابقة
زوجى مشغول جدا لاسباب تتعلق بمهام جديدة فى عمله و بسبب طبيعة مهنته المكعبلة كجراح و التى تجعل من زوجته دائما شهيده عليها ان تعمل كل شئ فى صمت ….دى ارواح ناس و لازم يبقى فاضى لها و فاضى لاستحمال اهل المرضى الذين ينكرون ابسط حقوقه الادميه حتى فى الساعات المتأخرة من الليل كما ان سيارته معطلة بسبب عيب رهيب.
و منذ اصابة ابنى بالجديرى المائى و مع بداية استقرار الحالة و الحمد لله فوجئت بأنه يعانى من خمول تام و ارتفاع مخيف فى درجة الحرارة فشلت فى ان انزلها لدرجة اقل من التاسعة و الثلاثين و حالة قئ شديدة
و الشغالة فى اجازة و بصحبتى امى التى لا يمكن ان اصطحبها بسهولة لأى مكان فماذا تفعل و الساعة الثانية ظهرا لو كنت مكانى؟؟؟ استاذ الاطفال الذى يتردد ابنى عليه لا يرد على الموبايل و سكرتيره يبلغنى انه لا حجز قبل يومين و زوجى موبايله مقفول
اذن " كليوباترا " هى الحل
اخذت ابنى و هو اشبه بالكتكوت المفزوع اثر انتقال حوصلته فجأة الى قفاه، و توجهت له لحجز كشف اطفال و اول ما اخرجت بطاقة مشروع علاج الاطباء القاها الموظف فى وجهى بمنتهى الصفاقة حتى أنها "حكت ذقنى". التقطتها بعدما استقرت فوق صدرى و سألته مش مشكلة احجز لى كشف عادى
غاااااااااااااب ثم أردف
- مفيش اطفال دلوقتى
- طب من فضلك الاستقبال و الطوارئ اكيد فيهم اطفال
- لأ
- لأ ازاى هو مش فيه اطفال بتتولد هنا و فيه اطفال بيعملوا عمليات
- طب انزلى تحت شمال من الاسانسير
قالها و هو يرغب فى أن "انقشع" من أمامه سريعا
و الغريب اننى تحملت كل هذا من اجل اى حل لما بهذا المسكين و بالفعل نزلت و قابلت مجموعة من الرجال الممرضين و كانوا فى منتهى الادب و قالوا لى احجزى تذكرة ، دفعت مائة و خمسين جنيه لا تسالونى لماذا ، و انتظرت ….
انتظرت نعم انتظرت فى استقبال الاطفال الذى لا ينبغى ان ينتظر به احد ثم ظهر كائن اسطورى غريب امامى لا هى بشابة و لا بامرأة و لا هى بفتاة انها كائن كاره للحياه و للدنيا و لأنوثته مما اكد لى نظرية الاطباء المرموقين فى ضرورة الزواج بغير طبيبة
لم ار فى حياتى ملامح تنم عن تلك القسوة اما المظهر ايشارب مشدود ملعلع الالوان ( ما اعتقدش انه حجاب لأن نص شعرها باين اشعث و خارج براه فى تحدى اضافى للمشهد السابق كما انه لا يمط لأى ربطضة حجاب بصلة (( تذكر معى ربطة شعر صورة ريا و سكينة الشهيرة)
نظرت لوجه الولد و لم تلمسه و قالت دى يا حساسية جلدية تلامسيه يا حساسية دوائية من الادوية اللى بياخدها ، يا جديرى ( ايه الفكاكة دى) ، يا حساسية من الاكل
- طب و الحل ايه فى القئ و الحرارة
- مش عارفة يتحجز احسن ، قطعت تذكرة ( مشيرة بسؤال لأحد الممرضين عنى بإزدراء)
لم يواسنى فى هذا الموقف سوى نظرات احد الشباب من الممرضين الذى حاول أن يعيد عليها ما قلته من أعراض
- من فضلك حضرتك ما كشفتيش عليه و لا شفتى حرارته و لا بصيتى على نوع الحساسية و لا اى حاجة ؟؟؟
- هو كده عاوزة تحجزيه احجزيه
الامور بايظة بايظة
تركتنى فى لا مبالاة و الممرض طيب خاطرى بان الواسطة تفعل أكثر من ذلك و تبرع بقياس حرارة الطفل و شاهد اللوزتين و ظهر انه التهاب شديد بها
خرجت بالولد و ذهبت الى الموظف الذى لا يتعدى كونه عامل امن سابق تمت ترقيته الى الريسيبشن و طلبت منه طلب محدد اطلب لى الدكتور "فلان" مدير المستشفى ينزل لو موجود
- ليه هو فاضيلك
- ايوه ….بلغه ان الدكتورة ( ….) حرم (الاستاذ الدكتور ……)
اللى هو استشارى جراحة هنا و صاحبة و دفعته و اللى كان عنده فى البيت من اسبوع تحت و فيه موظف هزأها و رمى فى وشها البطاقة
و يا ريت قبل ما ينزل بشوية تشاور لى عليه عشان "احدفها فى وشه و اوريه كيف يعامل الاطباء المشتركين بعلاج النقابة" من موظفى المستشفى و اسمعه التشخيص المذهل الذى يمكن ان يتفضل به اى سمكرى على مسامعى.
لا يمكننى أن اصف مدى الرعب الذى تلبس هذا الموظف و طلب الاستقبال باهتمام ليستقصى عما حدث و ابلغنى ان الدكتورة "إيمان دى حمارة" و " معنسة " " نجيبها تعتذر لك " ( كم كنت أتمنى أن تستمع لما قيل عنها فقط حتى تحسن معاملة المرضى الكلومين فى الاستقبال" و احنا آسفين و اقعدى معانا للساعة سبعة و اكبر استاذ ها انزله لك " و اتى احدهم بالنقود كاملة ( و للأسف لم انتهز الفرصة و اخذ أكثر مما دفعت).
و استمرت توسلاته بالا اطلب المدير لأن فى ذلك" قطع عيش "،
القيت على مسامعه محاضره أخلاقية فى أن تصرفى هذا ليس إلا دفاعا عن اى بائس قد تضطره الظروف بثيابه الممزقة الى طلب النجدة و بأن المشترك فى اى مشروع علاجى ليس بمتسول و بأن الدين معاملة و عدم نهر السائل و المحروم.
فاعتذر و اشار على بالذهاب الى القاهرة التخصصى
ذهبت المعاملة محترمة جدا بس لا يوجد أى طبيب فى الاستقبال و لا فى قسم الأطفال لكن كما يقول المثل لاقينى و لا تغدينى ‼!
و فى طريق العودة لاحظت ان ابنى بدأ يبتسم و بأنه سعيد بهذه النزهة و منشكح جدا اشتريت له لعبة و عدنا الى المنزل و كلى اسف و خيلات عما يمكن ان يحدث لأطفالنا خاصة و إن كانوا من رقيقى الحال أو لأباء أميين ؟؟؟ بدأت اكره كل العاملين فى المجال الطبى بمصر فلم تعد فكرة آنه لا زالت فئة قليلة من الاطباء تعمل بشرف و ضمير قد تغير الصورة شديدة السواد ، اعتقد آن الطبيب الذى لا زال يتمتع بقدر من الإنسانية فى بلدنا المحروسة على وشك الانتحار او الانهيار النفسى .
استمرت حالة الطفل حتى عودة والده فى السابعة و اتصاله شخصيا بطبيبه ليسمح لنا بالمرور عليه دون حجز مسبق و بالفعل ظهر انه التهاب شديد باللوزتين.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق