الأحد، 23 مايو 2010

حرية بعين و عين

امقت التزمت بكل أنواعه
امقت التخلف
امقت العادات البالية
لكننى ابغض و لا اتحمل "الغباء" و كبت الحريات
لذلك سعدت فور أن تلقيت دعوة من جروب اعجبنى اسمه الذى يدعو المرأة إلى العودة الى بهائها و جمالها و إلى أن تشرق من جديد
و اعتقدت ان فى ذلك ردا على تلك الهجمة الوهابية التى ثبت فشلها فى مصر مع الرجال و من ثم اتجهت دعوتها و ثبت نجاح انتشارها بين النساء.
اعتقدت أننى ساجد متنفسا فيه من تلك العقد التى تنادى بتحجيب عقل المرأة و عزل دورها عن تنمية المجتمع كما يدعو المدعو الحوينى فى كل احاديثه .
المهم
فور دخولى الى الجروب أعجبت جدا و لا انكر ذلك بكم المقالات التى تثبت أن اختلافات المرأة الفسيولوجية عن الرجل لا تعنى بالضرورة أنها متخلفة . أعجبت بكم الاستشهادات بنساء حصلن على نوبل فى العلوم و غيرها من التخصصات الصعبة التى يعدها الرجل حكرا عليه , فرحت و زقططت و كدت آن ارقص حتى بدأت أتعمق فى المقالات التى تدعو الى مناهضة الحجاب.
مش مهم
ايوه مش مهم أنا مش قضيتى المرأة تتحجب و لا لأ و مش ها ادخل فى جدال فقهى حول الأمر فأنا لست من أهل الفتوى ، و الأهم أننى لا أحب كلمات مثل محجبة و غير محجبة و منقبة و مش منقبة للتصنيف فالمرأة هى المرآة و هى كائن عظيم كرمه الله بصفة الأمومة. لكننى شعرت بشئ من الاستفزاز خاصة و أن لى صديقة عزيزة محجبة وجدتها فى هذا الجروب و اعترف أنها مثال لمهندسة الكمبيوتر الناجحة بمعنى الكلمة و الأم التقدمية التى لطالما سعينا للاشتراك بكورسات عديدة و قمنا بشراء كتب أجنبية للتعرف على احدث طرق تربية الاطفال . اذكر انها لم تتوقف يوما لتنتقد ملبسى او أنا لانتقد زيها الذى احترمه و اجله فيها و لا انكر انه يشعرنى بالطمأنينة من صداقتها فانا لا اخشى مثلا أن تفجر كغيرها من المنافقات.
الاعجب اننى وجدت كم هائل من بنات اعرفهن و سيدات لهن العديد من الصديقات المحجبات و تلك هى نظرتهم للحجاب و يا لها من ازدواجية تلك التى تدفعهن لمصاحبة من لا يحترمونهم فكريا و جوهريا و ملبسيا.
كتبت رأيى صراحة بأننى مع فكرة الجروب لكن لا داعى لاقصاء المحجبة فالحجاب أولا و أخيرا قرار يخص صاحبته و لا يمت بصله لتقدم او تخلف عقليتها.
المهم خليكوا معايا
ده بس اللى انا عملته

كتبت الرأى و أعجبت به على الفيس بوك صديقات عديدات، لكننى لم أكن أتوقع ما حدث من داعيات التحرر و الحرية بعد ذلك
فقد صمتت صديقتى المحجبة بالجروب و بدأت استلقى وعدى من كل من هب و دب و اتهامى بأن الحجاب جعلنى متخلفة و من يعرفنى قال ما كنتيش كده زمان كنتى مثقفة و بتقرى و متفوقة ( لا ادري ما علاقة ذلك بكونى محجبة ام لا ).
استفزنى الأمر أكثر و أكثر و بدأت فى الدفاع على الرسائل التى انهالت على صندوق الوارد فى الفيس بوك و التى نُعت فيها بألفاظ غريبة من عينة أن التخلف لا يجزأ و انه لا يصح أن أفكر بعين مفتوحة و عين مغلقة و غيرها مما لا احب أن أشنف أذانكم به.
العجيب فى الأمر أننى لم أكن ادافع عن الحجاب و لا عن شقيقاتى او صديقاتي من المحجبات. الموضوع ابسط من ذلك بكثير - فقط كنت أدافع عن رأيى كإنسانة متحررة تحترم الأخر و تحترم قناعاته .
كنت أدافع عن رأيى الشخصى فى أن الحجاب ليس هو علامة التقدم او التخلف.
كنت اعبر ببساطة فى سطر و نصف عن رأيى الشخصى وسط " مثقفين " و "متحررين" كنت اعتقد ببلاهة أنهم يحترمون أراء الأخر.
لكن للأسف حدث ما هو عكس ذلك
حدث ما يثبت أنهم فى مرحلة تخلف تفوق ذلك التخلف الوهابى الذى ينهش فى عقولنا و يهدر دم الأخر و يستبيحه تلك لمجرد الاختلاف فى الرأى. و لذا اقول لهم
- أية حرية تلك التى تلغى حريات الآخرين فى ابسط الأمور و هى اختيار الزى المناسب للشخصية
- أية حرية و أية قضية تطلبون منى أن احترمها و انتم تصبون علىً جل غضبكم لمجرد أننى أبديت رأى لا يخالف مسعى المرأة لان تتقدم و تنهض من جديد
- اية حرية تلك التى تدعو للتعصب نحو طائفة بعينها و من ثم تشيع الانقسام اكثر من الالتفاف حول هدف واحد
- ما هو الاسم الذى يطلق على من يدعى الليبرالية و هو لديه تصنيفات يضمرها نحو شريحة من الناس لم تؤذه بالمره .
- ما هى طبيعة العقلية الراجحة التى تنادى بتقدم المجتمع مع استبعاد شريحة منه ، فهل هم مثلا سيدعون إلى الانفصال و الاستقلال فى جزيرة و البقية فى جزيرة معزولة أخرى.
- ماذا تعنى لهم كلمة المواطنة و هل تحرم المحجبة من حقوق المواطنة علما بأننا لسنا من دول الاتحاد الاوروبى مثلا. و ما هو موقف الراهبة التى تغطى نفسها و تغطى رأسها فهل تحرم هى الاخرى من حقوق المواطنة؟؟ هل ستصبح مواطنة درجة ثالثة او ثانية على الرغم من خدماتها لابناء مجتمعها ، و هل سيتم تطبيق حقوق المواطنة بعد "خلع الراس" و فك الملابس و بذلك تكون الراقصات هن اولى الناس به .

حتى الآن لا اعرف ما هى التسمية الصحيحة لإجابات تساؤلاتي السابقة لكننى عدت بالذاكرة إلى الوراء على مدار عشر سنوات كاملة حيث كانت بعض المشتركات فى الجروب من زملاء الجامعة أو الحركة الثقافية و إذا بى أتذكر مواقفهم الكلوباتية التنويرية فور خروجنا من الأراضى المصرية تطبيقا لمقولة "المكان اللى ما يعرفك حد فيه امشى و ات…..فيه "
و كيف كانوا يناضلن بكل أعضائهن و كؤسهن و سجائرهن من اجل الحرية أو من اجل الإيقاع برجل و السلام كزوج للمستقبل. صدقونى كان اقصى طموح لكثيرات منهن ليس تحقيق الذات و العمل بل العثور على رجل للزواج حتى و لو ستتحجب من اجل إرضائه فقط المهم تتستر و تستريح من اللى هى فيه.
تذكرت كيف كانت تسعى كل منهن لإدانة عاداتنا و ثقافتنا و موروثنا الثقافى و الدينى و يا حبذا من شوية تلقيح على أن الإسلام دين التزمت و دين الختان و كبت المرأة من اجل ترجمة قصة أو شوية مقالات أو دعوة إلى مؤتمر من المؤتمرات المشبوهة أو سبوبة فقرة ثابتة فى برنامج لقراءة الطالع و النجوم و حظك اليوم.

تذكرت كم أن بعض منهن من صاحبات الأشجار و الثمار المسمومة اللائى يكتبن فى قضايا مصيرية من عينة “ i am not a virgin and I am proud to be “ و لماذا لا تتزوج المرآة بأربعة اسوة بالرجال
تذكرت كيف لم تقتطع الكثيرات من اللائى يسمين أنفسهن بخبيرات العلاقات العاطفية بعضا من أوقاتهن النضالية لمساعدة محتاج أو قول كلمة حق فى وجه سلطان جائر أو ذلك النظام الجاثم على أنفاسنا و اختصرت قضايا المرأة فى خرق كل العادات السلبى منها و الايجابي على حد سواء. تذكرت كيف أننى لم أجد بينهن من تحاول تقديم نموذج لمشروع تقدمى للأخذ بيد النساء المقهورات بحق و حقيقى فى الصعيد و القرى المسحوقات من الفقر و المرض و الجهل و سطوة الذكر بأعلى درجاتها أو تكتب مقالة من اجلهن و لهن. لماذا لم تتفرغ إحداهن لفضح النظام الذى يدعم نزعة المجتمع الذكورى بطغيانه و فساده و يشعل من نار الفتنة بين عنصرى الأمة ليلهى النساء و الرجال عن هموم المجتمع الحقيقية.
فإذا كانت اعتي الدول الرأسمالية و اشد المجتمعات براجماتية و تحررا تدعو إلى التمسك بالقيم و المبادئ و تدعو إلى العودة اليها بكل الطرق.
فبالله عليكم
أما دى حرية أصحاب و صاحبات القضية من النخبة الثقافية يبقى بقية الناس من العامة تفكيرها شكله ازاى و يبقى مجتمعنا كله رايح فين .
ربنا يستر علينا و عليكم و على " بلادنا و ولايانا "
قولوا أمين

الثلاثاء، 4 مايو 2010

بيونسيه و ......."اورتو السخنة"

بيونسيه و" اورتو السخنة"


و الله العظيم لو حد قاللى ما كنتش صدقت و كنت قلت عليه كداب و مُغرض و ابن سبعين فى ستين ، بس المشكلة إنه حصل و بحقيقى .... و انا شفت بعينى ما حدش قاللى....و اللى مش مصدق يرجع لبرنامج العاشرة مساء و يشوف الضيوف اللى استضافهم من حفل بيونسيه الحى ببورتو غالب بالمستعمرة الجديدة على أرض المحروسة - "بورتو السخنة .”

لم أتعجب ان أجد بين الضيوف تامر أمين بغروره المعهود و سلوكه المستفز و زميله خيرى رمضان اللى من يوم ما بقى يطلع فى التليفزيون اتسعت ابتسامته و اساريره بصورة لا يمكنه أن يخفيها أو يضيقها فكيف له ان يتحكم فى اتساعها بعد الخير اللى جاله فجأة بعد سنين العذاب من" البيت مش بيتك" حتة واحدة.

و تسامحت مع عمرو الليثى من باب ان اكيد التذكرة جات له دعوة و اهو من حقه يسرى عن نفسه "كواحد من الناس" بعد النكد و الهم الغم اللى يسموا بدن العقربة و اللى بيشوفه فى برنامجه من افعال الحكومة كما إنه لسه شباب و فيه الرمق برضه.

بس الاندهاش بدأ يقترب منى و الفئران نجحت فى الهروب من مصيدتها بصدرى و شاهدت ماما نعم الباز بحجابها متعدد الطوابق و عكازها الشهير بس برضه سامحتها

لحد ما شفت الدكتووووووووووووووووور النقيب من بين الحضور و الأدهى ابتسامته البريئة المحملة بشئ من فرحة الاطفال بالظهور فى التليفزيون للسؤال عن انجازات بابا حسنى و ماما سوزان و هو يقول للبرنامج " انا بنتى استاذة طبيبة هى اللى جابتنى عشان الحفلة حلوة"
.

بصوا بقى ببساطة كده أى حد من حقه يحضر حفلة لبيونسيه او شاكيرا بالذات لو شباب او من الطبقات المصرية الجنسية امريكية تقفيل ، كل واحد حر لكن بالنسبة لنقيب الاطباء اللى له باع طويل فى العمل السياسى الامر مختلف حبتين .


لو كانت حفلة لأندريا بوتشيللى او اوركسترا فيينا السيمفونى أو فيروز أو ام كلثوم او الموسيقى العربية أو اى حفلة خيرية فى اى مِركز شباب ما كنتش نطقت بكلمة بس "بيونسيه" و فى السن ده.. و فى الظروف المكعبلة اللى مصر و نقابته على الأخص فيها ...صعبة شوية على نفسى

أذكر اننى كنت مدعوة من خمسة سنوات على حفل العشاء الختامى لمؤتمر الجمعية المصرية لجراحة القلب فى فندق شهير بقلب العاصمة ، و كان الدكتور حمدى السيد جالسا على الترابيزة المجاورة لترابيزتى و كانت احدى الراقصات المشهورات بسخونة البدل و الفقرات و الحركات هى التى تُحى هذا الحفل بوصلة طويلة حبتين ، المهم اذكر اننى كنت منزعجة لأن احد اعضاء مجلس الادارة انهى تكريم الدكتور حمدى السيد سريعا على حد قوله " الرقاصة عاوزة تبتدى". شعرت بالخجل ليس لرفضى وجود الراقصة عموما لكن لوجودها فى نهاية مؤتمر يفترض أنه علمى اكاديمى و كأن فنوننا خلت إلا من هز الوسط. كما اننى كنت حاسة بحرج لوجود رجل بمثل قدر الدكتور حمدى السيد وسط هذه المهزلة (و ده كان من وجهة نظرى انا لوحدى ساعتها(.

تذكرت هذا الموقف سريعا بينما كنت اتسائل لماذا لا يصبح شخص مثله رئيسا لمصر و انا اشاهده بين الحضور المتهافت على الظهور امام كاميرا العاشرة مساء فى حين رفض بعض اعلام المجتمع الظهور و كان من الافضل له و لنا أن يكون هو الأخر من بينهم. كما تذكرت ايضا العناوين التى يكتبها فى الصحف اشاوس نقابته التى عمرها ما انصفت طبيب فى الخارج و لا فقير اتبهدل على ايد اطباء الداخل و هم يتوعدون و يهددون "بتوع العلاج الطبيعى" من أجل الثأر لنقيبهم على ما يرجع من حفلة بيونسيه.

زمان أيام زمان قوى يعنى كانوا بيقولوا ان فاتك الميرى اتمرمغ فى ترابه و لما اكتشفوا إن بعض الضباط فى مساكن الضباط كانوا بينزلوا يشتروا الخضار بالبدلة الميرى اتقال لهم يا تحترموا البدلة يا تقلعوها لأن البدلة تمثل المهنة و الأخطر أنها تمثل شرفها . و اعتقد بسذاجتى المعهودة أن منصب نقيب الأطباء له احترام اكثر من كونه عضو بلجنة السياسات و مجلس الشعب و اكثر من حضور حفلات اوساط المحدثين الجدد. أليس منصب نقيب الاطباء و الحروب التى يواجهها كل يوم من الاخوان و غيرهم و نظرة طبقات الشعب اليه كان ينبغى ان يكون لها اعتبار على الأقل برفضه للظهور على الشاشة ( عشان تعرفوا انى مش قصدى احرمه من حاجه لا سمح الله) علما بأن ثمن أقل تذكرة كان2000 جنيه (انا باهدى النفوس بس).
اظن أنا مش ظالمة و لا مفترية و لا طلبت من الحكومة تلغى حفلة بيونسيه زى ماليزيا ما عملت احتراما لعاداتها بس و النبى
و النبى
و النبى

و النبى يا جماعة لو فيكم حد من اللى بيعرفوا لغات و شيك و حلوين يبقى يترجى أصحاب الشركات اللى بتنظم و ترعى الحفلات دى تبقى ما تبيعش تذاكرها لفئة معينة من الشعب من المفترض أن تحترم نظرتنا لها و يقولوا لهم كفاية لحد كده لأحسن أنا مرعوبة يجيبوا الواد الجامد ريكى مارتن و نلاقى نقيب و لا وزير و لا أستاذ جامعة واقف يشاركه رقصته الشهيرة بوسطه المخلوع. كل المصايب اللى البلد فبها و لسه المسؤولين ليهم نفس يرقصوا .


حتى الان لا أجد تفسيرا جعل هذا النقيب الذى يناهز الثمانين من عمره يتحمل مشقة السفر الى بورتو السخنة لحضور حفلة بيونسيه ذات العشرين ربيعا على الرغم من انها فى الهواء الطلق متناسيا انه من الفئات المستهدفة لأنفلونزا الخنازير من اشبال فوق السبعين و اعتقد انه مش حمل حتى انفلونزا الكتاكيت و ما تسببه هى و بيونسيه من ارتفاع مزمن فى درجات الحرارة. هل يا ترى كان فيه على اياميهم ازمة جواز و كبت قد تخفف منها رؤية جسد بيونسيه اللوذعى ...ما اعتقدتش ده كان من الزمن الجميل أيام ما كان جوز الحمام ثلاث فرد و عاش شبابه و اشتغل و لقاله كرسى ما بينشالش من تحته و خلَص على خير الثورة و تم المراد، و بناتة الثلاثة طلعوا من الاوائل و اتعينوا اساتذة فى كلية الطب اللى كان هو رئيس قسم جراحة القلب فيها . ومن محاسن الصدف و فتكاتها كمان إن ابنته هذه تبقى حرم عميد طب عين شمس الذى عين مؤخرأ فى عهده .


ام هو كان متربى على اغانيها و الحاجة كل يوم كانت بتغنيها له كل يوم قبل النوم فراح الحفلة من باب الود و العشرة و ذكريات التشفولة و المريلة التيل نادية.


يا ترى يا هل ترى إيش ممكن يكون السبب ؟؟؟؟

تكونش مشاكل لجنة السياسات و النقابة و ازمة الكادر خنقته قوى فراح يفك عن نفسه شوية و يبر نفسه و يبحث عن مصدر الهام يعينه و يلهمه على حل الازمة فكان الاختيار لحفل بيونسيه ?
تفتكروا ؟


ده لو على كده انا اول واحدة ها تنحنى لعظمة تفكيره و اختياره فالحق يقال البنت صاروخ امريكانى ارض بحر جو باطنه اطفال مخ و اعصاب لا يعلى عليها ، جمال ربانى صوت و صورة و تعظيم سلام لنقيب الاطباء و شابوه كبير قوى قوى للدكتور حمدى السيد ... و ياريت يبقى يشوف حرارته بعد الحفلة و يطمننا على" أورتو السخنة"....عرف يختار بصحيح و ربنا يجعل حل ازمة الكادر على ايد"كادرها و كادره" بإذن الله.

الأحد، 2 مايو 2010

سلو اليومين دول

لا اعرف ما هو سر تلك العبارة التى ارتطم بها بصيغ مختلفة هذه الأيام - "ما هو كله على كده، و انا مش اقل من أى حد ، اشمعنى إحنا اللى ها نشذ عن غيرنا "، حتى أننى صرت لا أتعجب من سماعها حتى كانت القشة التى قسمت ظهر البعير من أم بقسماطة .
و أم بقسماطة هذه ( نسبة إلى حجم ابنها البكرى سائق التوك التوك) قد ورثها احد أقاربنا قدريا مع عمارة بداخل الأمعاء الصغرى لشارع فيصل ومن ثم فهى شديدة الصلة بعائلتنا و كل نسايبها و جيرانها و معارفها و تقوم بزيارتهم جميعا فى الأعياد من باب الاطمئنان عليهم دون اى خدمة تؤديها سوى فرك يديدها و "كل سنة و انتم طيبين" .
آم بقسماطة العظيمة ترفض العمل فى البيوت و ترفض أن تعمل أى من بناتها فى تلك المهنة التى توفر على الأقل فى ست ساعات عمل بحدائق الهرم خمسون جنيها و ربما أكثر. و نظرا لأن أم بقسماطة حياتها كلها أعياد فى أعياد تظهر هذه النعمة على زوجها العاطل و بناتها الثلاث اللاتى تركن التعليم منذ الصغر ليتمخطرن فى الشارع بأحدث الأزياء و الجينزات و الطرح متعددة الطوابق و المساحيق مصرية الصنع و الباديهات الكارينا و الموبايلات الاثنين كاميرا بالإم بى ثرى الحافلة بأغانى نانسى و إليسا و هيفا ليل نهار فى موجة إرسال موجه لشبان الحى . تفترش أم بقسماطة مشنة خضروات تجلس بجوارها صباحا فى حدائق الأهرام لتُعيد يوميا على السكان جيئة و ذهابا و "كل سنة و انتم طيبين" هى هى هئ . و بعد الظهر تقوم بالتخبيط على السكان الذين تغيبوا عن تحية الصباح لأن "قلبها كَلها عليهم و قالها يمكن يكونوا عايزين حاجة" و ربنا يديكم الصحة و هى هى هئ . كما أن هذه السلة تعد المقر الدائم لفرع وكالة رويترز المتشعب ليغطى شبكة علاقاتها المتسعة من أخر الهرم و أخر فيصل و حدائق الهرم الثلاث بوابات ( و هناك خطة طموحة للوصول إلى الشيخ زايد و الربوة بإذن الله ).
و فى أخر زياراتها لنا رسمت ام بقسماطة (بعد ما دست الإكرامية فى صدرها ) فور جلوسها على الأرض على وجهها مزيجا عجيبا مُبهر بالحزن و الحاجة و الحيرة و الشحتفة و الشنهفة التى لها فيهما براءة اختراع بأنها " مش عارفة تروح فين و لا تيجى منين " فعندها بنتين تمت خطبتهما لصبى جزار و استرجى - كلاهما ابن بواب زميل فى المهنة مشهود له بالاحترام و الكفاءة فى المنطشئة. فقلت :
- طب إيه المشكلة ألف مبروك و ما تحمليش هم و إحنا مش ها نسيبك
- ما احملش هم ازاى يا مدام ده الجهاز كَثير ياما
- ايه المطلوب منك بالضبط
- لكل بنت تليفزيون 28 بوصة و طقم صينى و طقم "اركوكال" و طقم تيفال 12 حلة و طقم الامونيا 12 حلة و بوتاجاز كبير من بتاع الإعلانات و انتاريه و التنجيد و لحافين " فِل" و جهازها و شوارها 12 دستة من كل حاجة برانية و "….. " مش صينى ، و حاجة المطبخ ،و مطبخ خشب تفصيل مش اللى بيتباع جاهز ، و ستاير تفصيل مش اللى على بلتكانات عادة ، و السجاد، و النجف مدهب ، و" فرن مكرويفى" و فرن غاز كبير من شارع عبد العزيز ………….
- امال العريس ها يجيب إيه بالصلاة على النبى كده؟
- اوضة النوم ببلاكار و سفرة بنيش و أوضة أطفال و التشطيب بالكرانيش و "السبونش" و تسعين جرام ذهب و ثلاجة و ديب فريزر , و….
بغض النظر عن إعجابى بمدى معرفة أم بقسماطة التى تحيا على كرتونة فى "بدرون" و تحول كل أثاثها الى البلد بهذا الكم من مفردات الديكور الحديثة ، كاد أن يغمى على، خاصة و أن لى صديقات جامعيات يؤسسن منازلهن بأبسط الامكانيات العملية و يستعضن عن الشبكة بطقم ذهب صينى أو "توينز ذهب" :
- تسعين جرام ذهب ، ما هو عشان انتى افتريتى عليه هو مش راحمك من الطلبات
- افتريت إيه ما هو ده سلو اليومين دول ، ده إحنا لو فى البلد كانوا كلوا وشنا ده إحنا شايلين عنه ياما عشان أبوه صاحب مِلك ، طب دى اقل شبكة فى البلد مية و عشرين جم ذهب
- بس ده غلط دول لسة شباب و بناتك ما جهزوش نفسهم زى بنات ام محمد البوابة اللى عندنا كانوا بيشتغلوا و بيجيبوا لنفسهم و بيساعدوا أمهم ، هاتى طقم ست حلل و بسطى الأمور كفاية ثلاجة و بلاش ديب فريزر ، و العريس يجيب اوضة نوم و أوضة الاطفال لما يكرمهم ربنا …الدين و الشرع ما قالوش كده قالوا إن الجواز مودة و الرحمة أنا ما خدتش مهر و لا كتبت مؤخر لنفسى…..
- أما عجايب و الله، فيه إيه يا مدام بقولك سلو اليومين دول ، سلام عليكم.
قاطعتنى باشمئزاز شديد و هى تلملم جلبابها بصفاقة دفعتنى ألا اشرح لها أننى كنت أحاول أن أساعدها فعليا بكلماتى هذه لإتمام الزواج و تبسيط الأمور حتى أتحمل مع العائلة و الأقارب النفقات المنطقية لجهاز البنتين.
و حتى الآن أنا فى حالة حيرة و بحث عن هذا العلامة الجهبذ ناقص العقل و الدين الذى أبدع حكاية "سلو اليومين دول" التى باتت تتسلل فى حياتنا فى تلك الفترة العصيبة من الغلاء و البطالة و التضخم لتفتك بما تبقى لدينا من اتزان اجتماعى و نفسى . و من هو الذى يأكل وش الناس و يحاسبهم إن لم يتبعوا هذا السلو . أما الحيرة الأكبر فهى هل تستحق هذه الفيومية و زوجها صاحب المزاج الرفيع المساعدة آم لا؟